الاثنين، 28 يناير 2013


فـَصــل الخِطـَاب .



إن المطلع على حَاضر الفكر الإسلامي يسترعي نظرَه حالةَ الفوضى والتخبط التي تعانيه أدبيات التصور العقلي وثوابته ,بل وتتجاوزه إلى ظواهر ذهنيةِ و ثقافية باتت سمةً ملازمة لتاريخ الفكر الإسلامي برمّته ؛انطلاقًا من النظرة الملحـّة للإسـلام على أنه حـالة ٌ عقلية وحـيدة و أصيـلة لا يهتدي لفهمهـا إلا نخبـةٌ تحتكرُ هذا الفهم وتوزعـه في خطاباتٍ ومؤلفـات تشكلُ الأسـاس لهذه المدرسـة الفكـريـة أو تلك ,مرورًا بظـاهرة تجميده أو تمجيده وثوريـثه للأجيــال بصفـةٍ توازي مصادر الإلهـامِ ذاتِهـا _إن لم تستبدلـها_ !
لا يختلـفُ اثنان على أن حالة الركودِ هذه أثـرت في شكلِ الخطـاب ِ الدعـوي الذي تتبناه التيارات الإسلامية على اختلاف أشكالها وَ أصولـها حتى أصبح مضمونـه في حالـة قطيعةٍ ثنائية مع "النص" نفسِه من ناحيـة ,ومع الجمهور من ناحيةٍ أخرى .فضلًا عن تيـاراتٍ أخرى تعاني من نظـرة ِ العقل نفسه لمصـادر المعرفة ,و إدراكهـا بطرق ٍ لا تراعي ثوابت َ تاريخيـة أو أطـراً اجتماعيـة حديثـة .بين هذا الخطاب الأيدولوجي و ذاك؛تشتد الحاجـة لمشـروع ٍ فكريٍ شامل يعيدُ ترتيبَ المفاهيم والعلاقـة بين ثلاثة ِ متغيرات :العقل ,والتاريخ, والحـق .فأمـا العقل فهو يرتكز بعلاقتـه على إدراكِ النصوص ليرقى إلى "عقلٍ معرفي" يتبعُ الحقَ لا النص _ما دام وفيرَ المعنى يحتمل ُ التأويل _ . والعقلُ المعرفيُ ذاتُه في الإسلام تأثرَ بظروفٍ تاريخيـة حكمتهـا مذاهب وفـرق أطّـرت شكلَ المخرجِ الفكـري .هنـا ؛تبرزُ أهميـة ُ تجريده من متغيـرات ٍ سابقـة طارئـة وحادثـة ,وربطـه مع أخـرى حـاضرة تناسبُ الظروف المجتمعيـة التي تحيطُ بـه .
الخلـاصـةأنّ المشـوار أمام خطـاب ٍ إسلاميٍ أصيل ٍ ومبتكر جَـدُّ طويـل ؛يبدأ بالأساس بدراسـة التاريخ البشري بأكملـه دراسـةً مستفيضـة , ويؤرشفُ أحداثـه تحت عناوينَ واضحـة تشكلُ مرجعـًا لأيِ مهتم وباحث ,وتقبلُ توثيق َ الاجتهادات والفروض كمصادرَ توازي في أهميتها مضمونَ المفاهيم التاريخية و الاجتماعية الثقافيـة .